لا يعرف اللبنانيون من أين تأتيهم المصائب. ففي وقت يمرّ بلدهم بأصعب ظروف اقتصادية ومالية على الإطلاق نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، وهو ما يُرخي بظلاله الثقيلة على مُجمل القطاعات الإنتاجية، ذهبت بعض المستشفيات بعيداً من رسالتها الإنسانية لمصلحة التجارة وتحقيق المال على حساب صحة أطفال وسط تقاعس رسمي من قبل الدولة في القيام بواجباتها في مجال الصحة العامة وغياب المحاسبة لمرتكبي الجرم.
ففي حادثة مأساوية أثارت ضجّة في لبنان على مدى اليومين الماضيين، توفي الطفل ع.م (4 سنوات) أمام المستشفى الحكومي في مدينة طرابلس شمال لبنان بعد رفض إدارتها استقباله ومعالجته.
التهاب شديد وحرارة مُرتفعة
وشرح الوالد بلال المانع لـ"العربية.نت" ما حصل مع ابنه قائلا "عند العاشرة مساء الأحد أدخلته إلى المستشفى، لأنه كان يعاني التهاباً شديداً وارتفاعاً في الحرارة يستدعي إدخاله إلى قسم الإنعاش، وبعد جدال مع الممرضين حول حالته طُلب منّا انتظار الطبيب الخاص".
وأضاف "بعد ساعتين من الانتظار أبلغنا أحد الممرضين في قسم الإنعاش أن هناك جهازاً للأوكسيجين متوفّر، لكن لا يُمكن وضع طفل في قسم خاص بالكبار تفادياً لالتقاطه فيروس، لأن مناعته ضعيفة، فاقترح نقل جهاز الأوكسيجين إلى قسم الإنعاش الخاص بالأطفال لوضع الطفل عليه".
وبين إنجاز عملية نقل جهاز الإنعاش إلى قسم الأطفال بعد الحصول على موافقة مدير المستشفى (الدكتور ف.ح) والتي استغرقت نحو أربع ساعات، كان الوالد يحمل طفله بين يديه عاجزاً عن فعل شيء له سوى انتظار الفرج.
"موت على البطيء"
كما قال الوالد المفجوع "كان ابني يموت على البطيء بين يدي ولا حلّ أمامي إلا انتظار موافقة مدير المستشفى على نقل جهاز الإنعاش إلى قسم الأطفال. بقي طبيب الطوارئ يتّصل به مراراً لكن دون جواب، حتى إنه اتّصل برقم زوجته لكنه كان مُقفلاً، وبقينا على هذه الحالة حتى الخامسة والنصف فجراً، عندها بدأت بالصراخ داخل المستشفى، لأنني أرى ابني يموت بين يدي فتدخل عناصر الجيش المتواجدون عند مدخل المستشفى لتهدئة الوضع وأبلغني الضابط المسؤول أننا سنُدخله إلى قسم الأطفال، ولم تكن إلا ثواني حتى صرخت زوجتي. مات ابننا".
ومن قلب محروق على فقدان ابنه الأصغر بين أخواته السبعة، أكد الوالد أنه سيُقاضي مدير المستشفى المسؤول الأول عن وفاة الصغير، مضيفا أن نقابة المحامين في طرابلس أبلغته بتكليف محامٍ من قبلها لمتابعة القضية.
المأساة نفسها في بعلبك
وكما في طرابلس كذلك في مدينة بعلبك في البقاع، حيث توفيت الطفلة ريحانة علي شقير بسبب عدم توفر الأوكسجين في عدد من المستشفيات البقاعية.
وفي التفاصيل أن الطفلة عانت من الاختناق أثناء الاستحمام وعند نقلها إلى المستشفى، تم إبلاغ الأم أن الأوكسجين غير متوفر، وسلّمت الروح بين يدي أمها بعد ساعات من البحث عن أوكسيجين.
وروى والد الطفلة علي شقير لـ"العربية.نت" ما حصل مع طفلته التي لا تتجاوز الخمسة أشهر "طفلتي وصلت إلى المستشفى وكانت في حالة مُزرية، والمستشفى غير مُجهّز بقسم خاص للأطفال، وكان يُمكن لطفلتي أن تعيش لو تم إنعاشها بالأوكسيجين في قسم خاص بالأطفال، لكن هذا قدرها".
"هذا نصيبنا"
وفي حين أكد أنه لن يرفع دعوى ضد المستشفى، "فهذا قدر الله" على حدّ تعبيره، اكتفى بالقول "الله لا يجرّب حدا. هذا نصيبنا وكلنا سائرون على هذا الدرب".
يُذكر أن وزير الصحة اللبناني (المحسوب على حزب الله) هو ابن مدينة بعلبك، وزار المستشفى في وقت سابق في سياق جولته على المستشفيات الحكومية أثناء ظهور وباء كورونا في لبنان، ووعد بتجهيزها كي تكون جاهزة لاستقبال مصابي كورونا.
https://ift.tt/3jbMEPd
تعليقات
إرسال تعليق