يتحدّث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باستمرار عن مؤامرات تستهدفه شخصياً مع بلاده كلما واجه أزمة ما، سواء أكانت داخلية أم خارجية، حتى إنه لم يستبعد سيناريو "المؤامرة" مع الحرائق التي اندلعت الأسبوع الماضي في عدّة غاباتٍ تقع بمناطق مختلفة داخل تركيا.
وفي هذا الإطار، أعلنت وكالة أنباء "الأناضول" الرسمية عن إحباط السلطات التركية مطلع الأسبوع الحالي، محاولة لافتعال حريق في غابة تقع بالقرب من ثكنة عسكرية في ولاية إزمير الواقعة غربي البلاد، لكن مع ذلك لم يتمكن رجال الشرطة من إلقاء القبض على أولئك الذين كانوا يحاولون إشعال النيران في غابات تلك المنطقة، بحسب ما أفادت الوكالة.
وشككت أحزاب المعارضة التركية بالرواية التي روّجت لها وكالة "الأناضول"، متهمة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم الذي يقوده أردوغان بالاهتمام بالبنى التحتية في العاصمة أنقرة واسطنبول، ثاني كبرى مدن البلاد، مقابل تجاهل المناطق الأخرى التي ساهم الإهمال في خسارتها لمساحات خضراء شاسعة بعد الحرائق التي عجزت السلطات المحلية فيها عن السيطرة عليها.
وبحسب مصدرين في أكبر حزبين معارضين وهما "الشعب الجمهوري" و"الشعوب الديمقراطي" المؤيد للأكراد، فإن الترويج لرواية وكالة "الأناضول" حول افتعال الحرائق يهدف لإخفاء عجز حكومة الرئيس التركي عن القيام بمهامها في حماية ممتلكات المزارعين والفلاحين والمستثمرين، لاسيما أن الحرائق اندلعت في بعض المناطق بالقرب من المنتجعات السياحية فاضطر أصحابها إلى إخلائها وإغلاق أبوابها أمام روّادها الأجانب.
وقال غسان إبراهيم، الإعلامي والمحلل السياسي المختص بالشؤون التركية، إن "مشكلة الحرائق التي شهدتها تركيا تشبه الكثير من الأزمات التي واجهتها أنقرة في ظل حكم أردوغان الذي عادة ما يلجأ إلى تحميل الآخرين مسؤولية ما يجري، لكن الجميع يعلم أن الرئيس في أي دولة يتحمّل مسؤولية مواجهة الكوارث والأزمات التي تشهدها بلاده وعليه أن يقدّم حلولاً لمعالجتها".
وأضاف لـ"العربية.نت": "بينما أردوغان يحاول التهرب من مسؤولية حكومته في مواجهة الحرائق وإسنادها إلى المؤامرة، أي وجود طرف آخر غيره يتحمّل المسؤولية، ولذلك الشعب التركي في المناطق التي واجهت الحرائق مستاء وغاضب، لأن حكومة بلادهم استثمرت فقط في اسطنبول وأنقرة في مشاريع البنى التحتية وأهملت باقي المناطق، خاصة لجهة تقديم الخدمات كالإطفاء، وبالتالي لو كان هناك خدمة توفير إطفاء الحرائق في الغابات لما تمددت تلك النيران".
وتابع: "هناك استياء كبير من طريقة تعامل أردوغان مع المواطنين الأتراك في تلك المناطق، وقد شاهد الجميع كيف أنه كان يلقي لهم أكياس الشاي بعدما ألقى خطابه وكأن الشاي سوف يحل أزمة الحرائق التي اندلعت هناك ويؤمن لهم مستقبلاً آمناً"، مشدداً على أن "العقلية التي يدير بها أردوغان هذه الأزمة تظهر مدى فشله في إدارة باقي الأزمات".
ورأى أن "الحرائق كشفت الفوضى والاستياء والغضب لدى الجميع، وكشفت أيضاً أن فكرة التعامل مع الأزمات ومواجهتها بتحميل جهاتٍ أخرى بالوقوف خلفها، تمثل ذهنية أردوغان وأطراف إسلامية أخرى، فهم يتحدّثون عن أطراف تسعى إلى النيل منهم عند اندلاع أي أزمة، بينما يلقون بالمسؤولية على عاتق الآخر وهم بهذه الطريقة يهربون من مسؤولياتهم".
وعادة ما يتحدّث الرئيس التركي عن طرفٍ ثانٍ يلقي عليه كامل المسؤولية عند مواجهة تركيا لأي أزمة، وبعدما كان يتهم حزب "العمال الكردستاني" المحظور لدى بلاده بالوقوف وراء مختلف أزمات البلاد طيلة السنوات الماضية، فقد بات يتهم حليفه السابق فتح الله غولن بالوقوف خلف بعض الأزمات التي تواجهها حكومته، وذلك منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكمه والتي اتهم غولن بالتورط بها.
وتداولت وسائل إعلامٍ موالية لأردوغان أنباء عن افتعال أشخاصٍ للحرائق التي اندلعت في مناطق متفرقة جنوب وجنوب غربي البلاد. كما أن بعضها اتهمت مقاتلين من حزب "العمال الكردستاني" بافتعالها رغم أنهم لا يتواجدون في الأصل بتلك المناطق. وقد اضطرت لاحقاً إلى حذف أخبارها تلك بعد موجةٍ من السخرية شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي خاصة أن مقاتلي "الكردستاني" لا يتواجدون في المناطق التي شهدت الحرائق، فهي تقع جنوب وجنوب غربي البلاد، بينما المناطق الكردية تقع جنوب شرقي تركيا.
ونتيجة فشل المؤسسات الحكومية في احتواء الحرائق، ألقت المعارضة اللوم على الرئيس التركي، واقترح زعيم المعارضة كمال كليتشدار أوغلو الذي يقود حزب "الشعب الجمهوري" وبرلماني آخر من حزبه، أن تقوم تركيا ببيع طائرة يملكها أردوغان مقابل شراء معدات إطفاءٍ قد تساهم في السيطرة على أي حرائق جديدة قد تحصل، بعد تلك التي أودت بحياة العشرات بين قتيلٍ وجريح قبل أيام.
https://ift.tt/2VlVK4D
تعليقات
إرسال تعليق