باتت "الجيوش الإلكترونية" لاعباً أساسياً في بعض المعارك السياسية، لا سيما مع توسع فضاء الإنترنت الرحب، فبعضها يستهدف أشخاصاً محددين بغية الاغتيال المعنوي أو التشويه، فيما البعض الآخر (وهو الأكبر) مهمته الترويج لأخبار تخدم هدف الحزب أو المجموهة أو الجهة، المطلوب.
وفي لبنان لجأت عدة أحزاب سياسية إلى الاعتماد على مجموعات كبيرة من الناشطين الحزبيين على مواقع التواصل الاجتماعي، وباتوا يشكّلون "جيشاً إلكترونياً" مسانداً في الحملات السياسية من خلال إطلاق حملة ما أو شنّ حملات مضادة تحت هاشتاغ معيّن.
إلا أن لحزب الله في هذا المضمار خبايا كثيرة، فقد درّب "جيشاً إلكترونياً" يضم آلاف النشطاء من أجل الترويج لأفكاره وشنّ هجمات إلكترونية ضد شخصيات محددة وبثّ أخبار معيّنة.
فكيف يشن الحزب المدعوم من إيران تلك الحملات، مروجاً لعقائده؟
مجموعة سيميا
بحسب معلومات "العربية.نت" يُدير الجيش الإلكتروني التابع لـ"حزب الله" "مجموعة سيميا" التابعة للوحدة الإلكترونية في الحزب ويرأسها معاون رئيس المجلس التنفيذي النائب السابق عبد الله قصير.
وتتولى تلك المجموعة إدارة حسابات إلكترونية ومواقع إخبارية تدور في فلك حزب الله.
3 أقسام مختلفة
وتضمّ ثلاثة أقسام مختلفة: الأولى هو "سيرفر" أو برنامج خاص يضمّ أكثر من خمسة آلاف حساب وهمي تستخدمه المجموعة من أجل الترويج لأخبار معيّنة وصور محددة، وشمل أيضاً مجموعات عبر تطبيق "واتساب".
يتفاعل هذا البرنامج أوتوماتيكياً مع الخبر الذي يروجّه لجهة وضع إشارة الإعجاب Like والتعليق Comment بشكل تلقائي".
أما القسك الثاني فيتولّى تقديم (حملات التبليغ) لإدارة فيسبوك وتويتر ضد روّاد مواقع التواصل الاجتماعي الذين لا يؤيّدون سياسة حزب الله ويوجّهون إليه الانتقادات بهدف إغلاق حساباتهم لمدة محددة ومنعهم من التفاعل مع قضايا الرأي العام.
في حين يتخصص القسم الثالث في "مجموعة سيميا" بالحماية الإلكترونية أو الأمن الإلكتروني.
شبكة مواقع إخبارية
إلى ذلك، تُدير "مجموعة سيميا" شبكة من المواقع الإخبارية والصفحات الرسمية التي تروّج لسياسات حزب الله، منها على سبيل المثال لا الحصر "موقع بنت جبيل" (مدينة في جنوب لبنان تعدّ معقلاً لـ"حزب الله")، صفحة "الضاحية الجنوبية"، صفحة "يا صور" وإلخ..
ويتولّى حزب الله تمويل تلك المواقع التي يرأسها مسؤولون مؤيّدون لسياساته.
تتخذ "سيميا" من المبنى الخاص بالوحدة الإعلامية التابعة لـ"حزب الله" والموجود في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، مكتباً خاصاً لإدارة عملياتها على الشبكة العنقودية الإلكترونية.
ويتواجد في مكتب المجموعة عدد من الأشخاص يشرفون على عمل الأقسام الثلاثة، بالإضافة إلى التنسيق والتواصل مع مجموعات أخرى (أكثر من مئتي شخص) موجودة في منازلها عبر تطبيق "واتساب" وخلق مجموعات خاصة بها من أجل تسهيل التواصل ونقل المعلومات.
أما أكثر "المجموعات" فاعلية عبر تطبيق "واتساب" فهو فريق أخبار المنار الذي يتولّى ترويج المعلومات والأخبار بشأن حدث معيّن. ويرتبط هذا الفريق مباشرةً بـ"مجموعة سيميا".
وحدتان إلكترونيتان
بالإضافة إلى "مجموعة سيميا"، يضمّ الجيش الإلكتروني التابع لـ"حزب الله" وحدة "1000" ووحدة الـ"900".
وتضم وحدة الـ"1000" أشخاصاً متخصصين في المجال الإلكتروني مهمتهم تحليل بيانات خاصة بهاتف محدد أو حاسوب خاص.
أما الوحدة "900" فمهمتهما رصد الحسابات التي تعتبر مشبوهة في مفهوم الحزب وكشف "العملاء".
روّاد مواقع التواصل
كما يعتمد الجيش الإلكتروني التابع لـ"حزب الله" على أشخاص محددين لديهم عدد كبير من المتابعين عبر منصات التواصل الإجتماعي من أجل الترويج لفكرة معيّنة أو للردّ على أي تغريدة أو مقالة مهاجمة مطلقها وكاتبها خلال ساعات.
ويُستخدم هؤلاء الأشخاص من أجل الترويج لـ "هاشتاغ" معين خاص بقضية ما لكي تتقدم بنشاطها على مواقع التواصل .
موظفون إلكترونيون ورواتب شهرية
وفي الإطار، قال مصدر مطّلع لـ"العربية.نت" "إن حزب الله يُدير جيشاً إلكترونياً من خلال ما يُشبه غرفة العمليات وتضمّ أكثر من مئة موظف يتقاضون رواتب شهرية، وليس بالضرورة أن يتواجد هؤلاء في مكان محدد، لأنه يُمكن التواصل عن بُعد عبر تقنيات عديدة".
كما اعتبر "أن مهمة هذا الجيش باتت مضاعفة اليوم مع ازدياد رقعة المعارضين لسياسات حزب الله في لبنان وخارجه وبروز أصوات منددة بما يقوم به".
ضرب حسابات وبثّ إشاعات
إلى ذلك، أشار المصدر إلى أن "مهمة هذا الجيش مراقبة الصفحات والمواقع الإلكترونية وتحليل ما يُنشر. كما أن هذا الجيش يسعى لتعزيز حضور حزب الله في المجال الإعلامي من خلال بثّ تقارير خاصة به"، لا سيما مع ارتفاع نسبة النقمة ضده في الشارع اللبناني.
بدوره، قال نائب رئيس تحرير الشبكة الدولية للأخبار الصحافي محمد عواد لـ"العربية.نت" "إن الجيش الإلكتروني التابع لحزب الله غالباً ما يعمل على ضرب حسابات معيّنة تابعة لأشخاص محددين وبثّ شائعات أو أخبار مضللة بهدف تطويق مسألة محددة".
ولفت إلى "أن هذا الجيش يضمّ شخصيات مؤثّرة على مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان ولديها آلاف المتابعين Followers. فعندما يكتب هؤلاء منشوراً معيّناً يتناول قضية محددة، يتفاعل معه روّاد مواقع التواصل فينتشر بسرعة".
كما لفت إلى "أن صفحته عبر فيسبوك تعرّضت لهجومين من الجيش الإلكتروني التابع لحزب الله بسبب مهاجمته سياسة الحزب في لبنان ووجوده في سوريا وتصرّفات حلفائه، لاسيما التيار الوطني الحر الذي يرأسه النائب جبران باسيل".
من جهتها، كشفت الناشطة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لارا صقر، لـ"العربية.نت" "أنها تعرّضت لأكثر من مرّة لهجوم من قبل الجيش الإلكتروني التابع لـ"حزب الله" وحتى من قبل الجيش الإلكتروني التابع لرئيس النظام السوري بشار الأسد بسبب منشور عبر موقع فيسبوك حول قانون قيصر والعقوبات التي سيفرضها على النظام وداعميه، خصوصاً اللبنانيين، وذلك بسبب حزب الله.
ومع أنها تمكّنت من استرجاع حسابها بعد شهر من التبليغ ، إلا أنها تحرص اليوم على حمايته من الهجوم من دون التوقّف عن مهاجمة سياسة حزب الله، وذلك من خلال اللعب على استخدام الأحرف كمثل عبارة (حZ ب الله) بدلاً من حزب الله. وتقول "إنها تتعرّض لحملة شتائم بموازاة التبليغ عن حسابها".
https://ift.tt/3aKFtcV
تعليقات
إرسال تعليق