يثير حزب "العدالة والتنمية" التركي الحاكم، غضب الناشطات النسويّات في البلاد، بعد كشف عدد من مسؤوليه قبل أيام عن نيتهم بانسحاب أنقرة من اتفاقيةٍ دولية أبرمتها عام 2011 مع "المجلس الأوروبي" بهدف حماية المرأة من العنف الأسري المتزايد.
وعلى إثر ذلك، خرجت النساء في تظاهراتٍ غاضبة هذا الأسبوع وعمّت كبرى مدن البلاد كالعاصمة أنقرة وإسطنبول وإزمير رغم لجوء الشرطة إلى العنف وذلك بعد طرح الحزب الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان الانسحاب من الاتفاقية التي تعرف بـ"معاهدة إسطنبول"، بعد نحو أسبوعين من مقتل طالبة على يد صديقها السابق في جريمة جديدة ترتكب بحق التركيات.
وقالت الناشطة النسوية ملك أوندر وهي ممثلة عن منصّة "أوقفوا قتل النساء" إن "معاهدة اسطنبول تمنع العنف ضد المرأة وتؤكد على مساواتها مع الرجل في كلّ المجالات ضمن المجتمع وكذلك تحميها، لذلك نتمسك بها ولن نسمح بإلغائها خاصة وأنها تساند المرأة وتُرغم على محاسبة المعتدين عليها".
وأضافت لـ"العربية.نت" أن "هذه المعاهدة ساهمت بخفض عدد جرائم قتل النساء بتركيا في العام 2011، وطرح الحزب الحاكم للانسحاب منها اليوم سيؤدي لارتفاع حالات قتل الإناث، ولهذا السبب نرفض إلغاء معاهدة اسطنبول ونكافح من أجل تنفيذ كامل بنودها بشكلٍ فعّال ونعتبرها إنجازا كبيرا للمرأة".
وتابعت أن "الحزب الحاكم طرح الانسحاب من هذه المعاهدة الشهر الماضي وفي الشهر ذاته، قُتلت 36 امرأة وهناك 11 أخريات فقدن حياتهنّ في ظروفٍ غامضة ويشتبه بأنهن قُتلن، وهذا دليل على أن انسحاب أنقرة من هذه المعاهدة يضعف مكانة المرأة في المجتمع ويفرض عليها السلطة الذكورية".
كما اعتبرت أن "إلغاء معاهدة اسطنبول سوف يعني بالنسبة للرجال الذين يستخدمون العنف ضد النساء أن الحكومة تقف وراءهم وتحميهم، رغم أنه على السلطات الالتزام بها لكونها تحدد الحقوق الأساسية والمساواة وعدم التمييز بين الجنسين في بندها الرابع".
وأوضحت أن "عدم تمسّك الحكومة بهذه المعاهدة أو الانسحاب منها يعني أيضاً إعفاء السلطات من حماية المرأة من العنف الأسري والمنزلي".
ومن جهتها، اعتبرت مسؤولة أوروبية تعمل في مؤسسة حقوقية معروفة أن "مجرّد طرح أنقرة للانسحاب من معاهدة اسطنبول أمرٌ خطيرٌ للغاية، فهي معاهدة دولية تهدف للقضاء ومنع العنف بحق النساء".
وقالت ميلينا بويوم، مسؤولة الحملة المعنّية بتركيا لدى منظمة "العفو الدولية" لـ"العربية.نت": "على السلطات التركية مناقشة كيفية تنفيذ البنود الواردة في هذه المعاهدة بدلاً من الانسحاب منها".
وأضافت أن "الحكومة التركية لم تفِ بما هو مطلوبٌ منها لتنفيذ كامل بنود المعاهدة ولم تتخذ التدابير اللازمة للحد من العنف المنزلي، فالكثير من النساء يتعرّضن للعنف، وقُتِل بعضهنّ حين كان من واجب الدولة حمايتهنّ".
وتابعت أن "هناك أمثلة كثيرة تؤكد هروب النساء من العنف المنزلي لطلب مساعدة الشرطة، لكنهنّ لم يتلقينَ الدعم الكافي".
واستذكرت حادثة التركية عائشة طوبى التي قتلت على يد زوجها السابق في وضح النهار بمدينة أسكي شهر، نهاية العام الماضي.
وقالت في هذا الصدد إن "طوبى كانت قد اتصلت بالشرطة 23 مرةً قبل مقتلها، لكن الجهات الأمنية لم تتخذ التدابير المطلوبة لحمايتها".
ويتصاعد القلق لدى التركيات جراء تزايد حالات العنف الأسري وقتل النساء على أيدي الرجال. وكانت الطالبة الجامعية بينار غولتكين آخر امرأة تُقتل في تركيا على يد صديقها السابق أواخر الشهر الماضي.
وخلال الربع الأول من العام الجاري، قُتلت أكثر من 146 امرأة في تركيا بأيدي الرجال.
والعام الماضي، قُتلت 474 امرأة في عموم البلاد على أيدي الرجال أيضاً، بحسب منصّة "أوقفوا قتل النساء".
https://ift.tt/3fFWWnu
تعليقات
إرسال تعليق