Main menu

Pages

شهادات ممن ركبوا قوارب الموت في لبنان.. كفى ذلاً

شهادات ممن ركبوا قوارب الموت في لبنان.. كفى ذلاً

أسبوعان من القلق عاشتهما مدن في شمال لبنان على أبنائها ممن قرروا المغادرة بطريقة غير شرعية الى قبرص عبر البحر بحثاً عن وطن بديل يتدبّرون فيها لقمة عيشهم ويؤمّنون لأولادهم أبسط حقوقهم.

انقطع التواصل مع هؤلاء الذين أتوا من الأحياء والقرى الفقيرة في طرابلس وعكار والمنية شمال لبنان Yلى أن بدأت قوات حفظ السلام الدولية (اليونيفيل) والقوات البحرية التابعة للجيش اللبناني بالعثور عليهم في المياه الإقليمية اللبنانية، بعضهم في حال مزرية فيما قضى بعضهم غرقاً وجوعاً.

ويكاد لا يمرّ أسبوع من دون أن تنطلق رحلة نحو المجهول من شواطئ طرابلس والعبدة والمنية تضمّ عشرات اللبنانيين والسوريين في اتّجاه قبرص (اليونيانية) واليونان وتركيا كمحطات عبور الى دول أوروبية.

وتبلغ كلفة الرحلة نحو خمسة ملايين ليرة لبنانية (قرابة الثلاثة آلاف دولار وفق سعر الصرف الرسمي 1515).

30 مركباً غادروا شواطئ لبنان

قرابة الثلاثين مركباً غادروا في الفترة الأخيرة شواطئ لبنان الى قبرص، وعلى متن كل واحد نحو ثلاثين شخصاً. وبحسب أشخاص من طرابلس تحدّثوا لـ"العربية.نت" فإن 25 مركباً نجحوا في عبور "شباك" القوات البحرية التابعة للجيش اللبناني وخفر السواحل في حين أن الباقين عادوا أدراجهم الى لبنان بعدما فشلوا في العبور الى المياه الإقليمية.

ياسر شاب (22 عاماً) طرابلسي ممن استقلّ "مراكب الموت" منذ أسبوعين بحثاً عن أي بلد آخر يؤمّن له عيشة كريمة بدل الذل الذي يعشيه يومياً في لبنان، بحسب تعبيره. غير أن الحظ لم يحالفه ليُحقق حلم الهجرة من البلد، لأنه لم ينتبه لإزالة علم لبنان عن مركبه بعد أن دخل المياه الإقليمية.

وروى لـ"العربية.نت" مغامرة رحيله هذه قائلا "جمعت بعض المال واشتريت مركباً صغيراً (نحو 12 متراً) بالشراكة مع من قرروا أيضاً الهجرة. كنّا خمسة عشر (أطفال ونساء ورجال) شخصاً على المركب. تمكّنا من تجاوز حاجز القوات البحرية التابعة للجيش اللبناني، كما عبرنا المياه الإقليمية اللبنانية.

بعد ذلك كان من المفترض أن أنزع علم لبنان عن المركب وأن أمحي التسلسل الرقمي عليه، إلا أنه ولكثرة فرحتي لخروجي من المياه اللبنانية لم أنتبه لذلك، وما هي إلا ودقائق حتى اعترضنا خفر السواحل فعلموا أننا لبنانيين بسبب العلم وأرقام المركب وأبلغوا القوات البحرية في الجيش اللبناني التي أتت عبر زوارق وأعادتنا الى طرابلس".

المتاجرة بالبشر

وفي الإطار، تحدّث ياسر (اسم مستعار) عن معاناته في مراكز الأمن اللبناني، حيث تعرّض للتعذيب الجسدي والنفسي بسبب اتّهامه بتهريب البشر.
وبغصّة قال "أنا لست مجرماً ولا أتاجر بالبشر. أنا أريد تأمين لقمة العيش لابنتي الوحيدة التي لا تتجاوز السنتين وتوفير حياة كريمة لوالدتي التي تعمل في تنظيف الحمامات كي تساعدني على تربية طفلتي".

لم يفقد ياسر الأمل بمغادرة البلد. بل أكد أنه "سيكرر المحاولة مرّة ثانية وثالثة ورابعة حتى يغادر هذا البلد الذي يذلّنه كل يوم." وأضاف:"هذه المرّة لن أوقف المركب في البحر حتى لو طلبت منّي القوات البحرية وحتى لو أطلقت النار في اتّجاهي. لن ألتفت ورائي. سأصطحب ابنتي معي ولن ألتفت ورائي".

حالة سمير لا تختلف كثيراً عن ياسر، لكن الفرق بينهما أن سمير نجح بالوصول الى شواطئ قبرص بعد رحلة استمرت أكثر من ثلاثة أيام في البحر وتحت الشمس الحارقة.

وقال "لم ينقصنا شيء. كل شيء كان مؤمّناً. الأكل والشرب ومخزون القارب من المازوت كافٍ وزيادة. رحلتنا انتهت بوصولنا بأمان الى قبرص غير أن الدولة القبرصية أعادت بطلب من السلطات اللبنانية العائلات التي كانت على المركب وسمحت بإبقاء 29 شاباً، وأنا كنت من بين الذين عادوا إلى لبنان، لأنه كان معي أولاد أخي الموجود في ألمانيا منذ ست سنوات بعدما وصل إليها بطريقة غير شرعية من اليونان.

خسرت أموالي

كما أضاف "لم أفكّر يوماً بالهجرة، بل على العكس استثمرت أموالي التي جنيتها من عملي كطاهٍ في شراء مطعم يُقدّم أشهى أنواع الأسماك، غير أنه وبسبب أزمة كورونا التي أرخت بظلالها الثقيلة على القطاع السياحي، أضف إليها الأزمة الاقتصاية الخانقة التي يمرّ بها لبنان بسبب انهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار، خسرت أموالي ولم يعد أمامي إلا خيار الهجرة كي أبدأ من جديد".

عصابة محترفة

إلى ذلك، تحدّث سمير عن عصابة محترفة في تنظيم "رحلات الموت" تنشط بكثافة في معظم مناطق الشمال يرأسها (أ.ع.ص) من المنية في عكار، وتوهم ضحاياها بأنهم بأمان وأن رحلتهم "مضمونة"، لكن في الحقيقة هم يأخذوننا إلى الموت.

وتابع "المركب الأخير الذي ضمّ على متنه خمسين شخصاً انطلق من منطقة البدواي في السابع من سبتمبر/أيلول الجاري، وسائقه التابع لهذه العصابة لا يملك خبرة في القيادة البحرية. حتى أنه أوهم الركاب بأن الرحلة مضمونة وأن مخزون مازوت المركب يكفي للوصول الى شواطئ قبرص، لكن الحقيقة كانت عكس ذلك، من هنا توقّف المركب في عرض البحر من دون أن يتمكّن الركاب من عبور المياه الإقليمية اللبنانية".
المسؤولون غير مسؤولين

ويُجمع ياسر وسمير على تحميل الطبقة السياسية التي وصفوها بـ"الفاسدة" مسؤولية ما وصلت إليه أحوال اللبنايين. وعتبهما الأكبر على من يسمّون أنفسهم بأنهم ممثلين عن مدينة طرابلس في البرلمان. فهؤلاء على حدّ تعبيرهم لم يفعلوا شيئاً للمدينة التي باتت في عهدهم أكثر المدن فقراً على المتوسط. حتى أنهم لم يكلّفوا أنفسهم عناء الإطمئنان علينا بعدما نجونا من رحلة الموت".

العثور على أربع جثث

ويوم أمس الإثنين عثر الدفاع المدني اللبناني، على أربع جثث في المياه اللبنانية ممن كانوا على متن القارب الذي انطلق من البداوي من بينهم طفلان توفيا على متن الرحلة جرّاء الجوع والعطش ما دفع الركاب إلى رميهما في البحر، كما أقدم اثنان على السباحة لاستطلاع إمكانية العثور على وسيلة إنقاذ إلا أنهما لم يعودا.

وكانت وحدة من قوة الأمم المتّحدة العاملة في جنوب لبنان، عثرت الأسبوع الماضي على القارب وكان على متنه 36 شخصاً وآخر متوفّى في المياه الدولية قبالة الشواطئ اللبنانية. وتوزّع الركاب بين 25 سورياً وثمانية لبنانيين وثلاثة من جنسيات أخرى بحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

https://ift.tt/2FNz2dO
reactions

تعليقات