خلافاً للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي حرص في زيارتيه للبنان إثر انفجار الرابع من أغسطس الفائت على الاجتماع بأركان السلطة والمسؤولين السياسيين، وبعيداً من الجولات السياسية العلنية، تقصّد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر النأي بنفسه عن المسؤولين، والتوجه إلى المجتمع المدني والناشطين ضمن حراك 17 أكتوبر/تشرين الأول.
فالمبعوث الأميركي الذي حطّ في لبنان، الأربعاء، بعد مغادرة الرئيس الفرنسي حصر جدول لقاءاته بناشطين في المجتمع المدني ممن يرفضون استمرار الطبقة السياسية القائمة، في رسالة تعكس دعم الولايات المتحدة الأميركية للحراك اللبناني الثائر على الطبقة السياسية وتشجيع للمنضوين تحت لواء حراك 17 أكتوبر بضرورة إفراز قادة لهم ووضع خريطة طريق تتضمّن رؤيتهم للحلّ وكيفية الخروج من الأزمة التي يتخبّط بها لبنان.
غير أن الأبرز في جدول لقاءات شينكر تخصيصه اجتماعاً لمجموعة ناشطين ومثقّفين من الطائفة الشيعية المعارضين للثنائي، حزب الله وحركة أمل التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري.
وفي حين تمحور لقاء شينكر مع مجموعات الحراك المدني على الإصلاحات المطلوبة، وضرورة أن يكون للحراك قادة ورؤية سياسية بديلة، شكّل سلاح الميليشيات الخارج عن الشرعية صلب لقائه مع الناشطين الشيعة المعارضين للثنائي حزب الله وحركة أمل وفق قاعدة "لا إصلاح في ظل السلاح".
لا إصلاح بظل السلاح
وقال الناشط لقمان سليم الذي شارك في اللقاء مع شينكر لـ"العربية.نت": "إنه لا يمكن الفصل بين الإصلاح والسلاح. فالسلاح يحمي الفساد. فطالما هناك تزاحم بين الدولة ودولة الميليشيا التي يُمثّلها حزب الله، فلا إصلاح في لبنان. وعندما تُرفع هيمنة دولة الميليشيا والراعي الإيراني عن لبنان عندها يُمكن الحديث عن إصلاح، وهذا يردّنا إلى المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس ماكرون خلال زيارته لبنان وحدودها".
كما اعتبر "أن أي مبادرة لا تلحظ دولة الميليشيا والسلاح محكومة بأن تبقى في إطار الإغاثة، ونحاول إقناع المعنيين بوجهة نظرنا. وعلينا أن نكون صبورين، لأن التغييرات الاستراتيجية لا تحصل سريعاً وبشكل عاجل".
تواصل مستمر
كما أوضح "أن اللقاء مع شينكر يأتي من ضمن سلسلة لقاءات وحوارات تحصل بين عدد من الشخصيات الشيعية والإدارات الأميركية المتعاقبة، وهو ليس الأول وبالتأكيد لن يكون الأخير. والتواصل مستمر منذ ما يزيد عن 15 عاماً".
والمعروف عن شينكر أنه متابع للشأن اللبناني بحذافيره، وهو يتولى ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وإسرائيل. ولعل اللافت في زيارته إلى لبنان خلوها من أي لقاء مع المسؤولين في الدولة أو رؤساء الأحزاب، ما يُعتبر سابقة فريدة في سجل زيارات مسؤولين سياسيين كبار، حيث يأتي سياسي أميركي بهذا الحجم من دون تنسيق مُسبق مع المسؤولين الرسميين في الدولة.
تحفّظ أميركي على مبادرة فرنسا
ونقل أحد المشاركين في لقاءات شينكر لـ"العربية.نت": "أن واشنطن "متحفّظة" على المبادرة الفرنسية وهي تنتظر نتائجها، بدليل أن زيارة شينكر كانت متوقّعة بعد أسبوعين، إلا أنه تم ترتيبها على عجل لتتم مباشرة بعد زيارة ماكرون، وهو تقصّد لقاء مجموعات من الحراك الشعبي والنواب المستقيلين من البرلمان على عكس ماكرون الذي التقى أركان الطبقة السياسية".
العقوبات آتية
كما نقل عن شينكر تأكيده "أن رزمة من العقوبات على شخصيات سياسية لبنانية ورجال أعمال ستصدر قريباً، وهي ستكون ضمن ثلاثة أطر: قانون ماغنيتسكي، قانون قيصر وقانون مكافحة الإرهاب".
ومع أن واشنطن تعوّل على الشعب اللبناني من خلال الانتخابات النيابية لإحداث تغيير سياسي، غير أنها في الوقت نفسه لا تؤمن بأن صندوق الاقتراع سيحدث التغيير المنشود، خصوصاً في الساحة الشيعية، حيث سطوة حزب الله وسلاحه على الناخبين.
لجم نفوذ إيران
فبرأي الإدارة الأميركية كما نُقل عن لقاءات شينكر "أنه لا يُمكن إحداث تغيير وهناك تفاوت بين الناخبين: واحد يصوّت بالرصاص (في إشارة إلى حزب الله) وآخر يستخدم صوته الانتخابي في صندوق الاقتراع. التغيير لن يأتي إلا من خلال لجم نفوذ إيران في المنطقة".
https://ift.tt/3i1naml
تعليقات
إرسال تعليق