تدور اشتباكات عنيفة بين المقاتلين الأرمن والجيش الأذربيجاني منذ أكثر من شهر في إقليم ناغورنو كاراباخ المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا منذ عقود، رغم إعلان الجانبين عن هدنةٍ إنسانية ثلاث مرات خلال شهر أكتوبر الحالي برعايةٍ مباشرة من الولايات المتحدة وروسيا.
ورغم إعلان باكو ويريفان عن وقف إطلاق النار لأول مرة يوم 10 أكتوبر ومن ثم 18 وأخيراً 26، إلا أن كلا الطرفين تبادلا الاتهامات مراراً بخرق الهدنة، فيما تواصلت المعارك في الإقليم الانفصالي الذي أعلن فيه مقاتلون أرمن قيام "جمهورية آرتساخ" مطلع العام 1992 بعد صراع دموي مع باكو دام لنحو 4 سنوات وخلّف أكثر من 30 ألف قتيل ومليون مهجّر.
وجدد مسؤول كبير في "آرتساخ" غير المعترف بها دولياً، الاتهامات للجيش الأذربيجاني بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه باكو ويريفان للمرة الثالثة على التوالي في واشنطن قبل أقل من أسبوع.
وقال دايفيد بابايان، مستشار الشؤون الخارجية لرئيس "آرتساخ" إن "هذه هي المرة الثالثة التي تحصل فيها هدنة بين أرمينيا وأذربيجان بوساطة دولية، وتمّت هذه المرة برعاية من الولايات المتحدة، لكن لسوء الحظ انتهكت باكو ومعها أنقرة الاتفاقية بشكلٍ صارخ".
وأضاف في تصريحاتٍ خاصة لـ "العربية.نت" أن "تركيا وأذربيجان تتجاهلان بيان الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي نص على وقفٍ فوري لإطلاق النار"، معتبراً أن "باكو تسلك طريق الإبادة الجماعية تجاه سكان الإقليم بشكلٍ خاص وأرمينيا بشكلٍ عام".
وتابع قائلاً "باكو لا تخفي نيتها في إبادة سكان آرتساخ، وبالتالي يقف سلوكها العدائي هذا، عائقاً أمام محاولات التسوية السلمية للنزاع الحالي، خاصة أنها تحاول إيجاد ممرٍ برّي إلى إقليمٍ يقع خارج حدودها مروراً بأراضينا".
هدف أنقرة وباكو
كما اعتبر أن "أكثر الأهداف الاستراتيجية لأذربيجان وأنقرة من الحرب الحالية، هو إيجاد معبّرٍ بري يربط بين الأراضي الأذربيجانية وإقليم ناخيتشيفان عن طريق آرتساخ".
وناخيتشيفان هو إقليم أذربيجاني يمكن الوصول إليه إما عبر إيران أو "آرتساخ"، وهو غير متصل جغرافياً بباكو التي تفرض سيادتها عليه. ولدى هذا الإقليم عدّة كيلومتراتٍ مشتركة مع تركيا.
وقال المستشار الأرمني في هذا الصدد إن "الهدف الجيوسياسي لباكو وأنقرة على المدى البعيد هو إنشاء امبراطورية تمتد من تركيا إلى إقليم ناخيتشيفان ومن ثم أذربيجان التي تعد الحجر الأساس لهذا المشروع".
حتى آخر قطرة دم
كما أضاف أن "معركتنا مع باكو غير متكافئة من جهة العتاد والقوة البشرية، وأهدافنا مختلفة، فعلى سبيل المثال تهدف أذربيجان لقتلنا واحتلال أراضينا، لكن بالنسبة إلينا هذه حرب وجودية، نحن ندافع عن عائلاتنا وأطفالنا وزوجاتنا وأخواتنا وآبائنا ومقابرنا وبلدنا". وتابع "ليس لدينا ما نخسره، سوف نقاتل وندافع عن أنفسنا حتى النهاية، وإلى آخر قطرة دم".
وأشار إلى أن "الإقليم كان سابقا يتمتع بحكمٍ ذاتي من باكو، لكنه شهد ممارسة سياسياتٍ إقصائية وعنصرية، وقد تعرضنا لإبادة جماعية، ولهذا بدأت حركتنا التحررية، كي لا نكون أبداً جزءاً من أذربيجان".
يذكر أن المواجهات العسكرية اندلعت بين الجيش الأذربيجاني والمقاتلين الأرمن في إقليم ناغورني كاراباخ يوم 27 أيلول/سبتمبر الماضي، وهي الأعنف منذ العام 1994. وخلّفت حتى الآن، مئات القتلى والجرحى بين مدنيين وعسكريين.
كما أرغمت المواجهات المستمرة منذ أكثر من شهر، نحو نصف سكان الإقليم إلى الفرار نحو أرمينيا أو التنقل بين مقاطعات الإقليم الثمانية.
ولم تنجح الوساطات الدولية بإيقاف الحرب الحالية رغم الدعوات المتكررة التي وجهتها واشنطن وموسكو وباريس ومجموعة مينسك وطهران، لباكو ويريفان لوقفٍ فوري لإطلاق النار والعودة لطاولة المفاوضات.
واتهمت يريفان مراراً، أنقرة، بتقديم أسلحة متطوّرة للجيش الأذربيجاني، بالإضافة لجلبها مرتزقةٍ سوريين وخبراء أتراك للإشراف على المعارك المتواصلة مع المقاتلين الأرمن في "آرتساخ".
https://ift.tt/3eiAulz
تعليقات
إرسال تعليق