يترك إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن إجراء تعديلاتٍ دستورية وربّما وضع دستورٍ جديد للبلاد، الباب مفتوحاً على صراع داخلي محتمل من شأنه أن يضيف أزمةً جديدة بين حزب "العدالة والتنمية" الحاكم وكامل الأحزاب المعارضة له.
وبعد أيامٍ من إعلان الرئيس التركي، أكد حزب "الشعب الجمهوري" المعارض رفضه للتعديلات الدستورية المطروحة، وكذلك فعل حزب "الشعوب الديمقراطي" المؤيد للأكراد، حيث أعلن قادة كلا الحزبين أن "أردوغان لم يلتزم بالدستور الحالي، فكيف يضع آخر جديداً للبلاد؟".
ويقترح الرئيس التركي تعديلاتٍ تتعلق معظمها بقانوني الانتخابات والأحزاب وبهيكلية "المحكمة الدستورية العليا"، وهي أعلى هيئة قضائية في البلاد. ولتحقيق ذلك يحتاج إلى موافقة 400 نائب في البرلمان التركي من أصل 600. ويدعمه في هذا التوجه حليفه الوحيد في الداخل دولت بهجلي الذي يقود حزب "الحركة القومية" اليميني، لكن كلاهما لا يملك أكثر من 337 مقعداً في البرلمان.
وفي هذا الصدد، قال سلجوك أوزداغ، القيادي في حزب "المستقبل" الذي يتزعّمه رئيس الوزراء التركي الأسبق داود أوغلو إن "أردوغان يسعى لتغيير الدستور بالكامل دون أن يذكر على وجه الدقة المواد التي سيقوم بتعديلها أو إلغائها".
وأضاف لـ"العربية.نت" أن "هذه المهمة تبدو صعبة للغاية مع عدم وجود توافقٍ بين الكتل البرلمانية الخمسة".
وتشكل 5 أحزاب الكتل النيابية داخل البرلمان التركي، وأكبرها كتلة التحالف الحاكم الذي يضم نواب "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية"، وتليها كتلة حزب المعارضة الرئيسي وثالثها كتلة الحزب المؤيد للأكراد، وفي الأخير نواب حزب "الخير" المعارض الذي يُعرف أيضاً بحزب "الجيد".
واعتبر إلهان أوزغال، المحلل السياسي التركي أن "أردوغان يحاول تقوّية قبضته على السلطة بتعزيز سلطاته الدستورية".
وأضاف لـ "العربية.نت" إن "الرئيس التركي أقنع حليفه بهجلي بضرورة هذه التعديلات أو بالحاجة لوضع دستورٍ جديد، ويبدو أن كليهما يحاول الآن إقناع المواطنين بذلك بعد تراجع شعبية تحالفهما الانتخابي".
ولفت إلى أن "الحكومة الحالية عدّلت الدستور الحالي بالفعل عدّة مرات ولكنها توقفت عن ذلك نتيجة خلافاتٍ بين الأحزاب إلى جانب مشاكلٍ أخرى داخلية".
وتابع أن "الأزمة الاقتصادية أنهكت الناس، ولذلك لا يهتمون بالدستور وتعديلاته، فهو ليس ضمن أولوياتهم".
وعلى الرغم من صعوبة تمرير التعديلات التي يقترحها الرئيس التركي داخل البرلمان، لكنه يملك خيار "الاستفتاء الشعبي"، وهو أمر لا يستبعد الخبراء بالسياسة التركية حصوله، خاصة وأنه سبق وأن أجرى أردوغان عام 2017 استفتاءً مثيراً للجدل انتقلت تركيا بموجبه من نظام الحكم البرلماني إلى الرئاسي.
والدستور الحالي في تركيا وُضِع عام 1983 بعد انقلابٍ عسكري شهدته البلاد في سبتمبر من عام 1982. وأُجرِيت تعديلاتٍ في بعض بنوده آخر مرةٍ قبل نحو 10 سنوات بناءً على رغبة حزب "العدالة والتنمية".
وتنص بعض التعديلات التي ينوي الرئيس التركي إجراؤها، على عقد الانتخابات الرئاسية ضمن جولةٍ واحدة وفوز المرشح الحاصل على أكثر الأصوات فيها، بعدما كان يفوز في السابق من يحصل على أكثر من 50% من أصوات الناخبين ضمن الجولة الثانية والحاسمة.
كما تنص التعديلات على وضع عقبات كبيرة أمام مشاركة الأحزاب الجديدة التي تأسست مؤخراً في أي انتخاباتٍ قد تشهدها تركيا. ويقول مراقبون إن الرئيس التركي يهدف من هذا الشرط معاقبة حلفائه السابقين الذين تركوا حزبه وأسسوا أحزاباً أخرى جديدة، ومنهم داود أوغلو ونائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان.
https://ift.tt/2N6Ipsg
تعليقات
إرسال تعليق