على الرغم من تأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل يومين أن أي عقوبات لن تردع بلاده، في إشارة إلى العقوبات الأميركية التي فرضت مؤخرا على شركة "الصناعات الدفاعية التركية"، إلا أن تلك الخطوة تنذر بعقبات وخيمة إذا ما استمرت لمدّة عامٍ كامل أو أكثر، وهو أمر من شأنه أن يضع أنقرة أمام تحدٍّ كبير خاصة مع مشاركتها المستمرة في عددٍ من حروب المنطقة كما في سوريا والعراق وليبيا وإقليم ناغورني كاراباخ.
وفُرِضت العقوبات الأمريكية على تركيا يوم 14 ديسمبر الجاري، على خلفية شرائها لمنظومة الدفاع الجوي الروسية الصنع (إس – 400)، ومن المحتمل أن تواجه أنقرة بسببها تراجعاً في صناعاتها الدفاعية خاصة وأن العقوبات فُرِضت على شركتها الرئيسية ومديرها إسماعيل دمير الذي جُمِّدت أصوله الخاصة مع 3 موظفين آخرين، وفُرِضت عليهم أيضاً قيوداً متعلقة بالتأشيرات، بموجب قانون "كاستر" الأميركي.
وفي السياق، أكد خبير أمني ومحللان سياسيان أحدهما تركي والآخر خبير في الشؤون التركية أن "شركة الصناعات الدفاعية التركية سوف تواجه عدّة مشاكل نتيجة العقوبات الأمريكية التي لن تفرض على هذه الشركة من جانب واشنطن وحدها، وإنما من جهة حلفائها أيضاً".
قطع الغيار
وقال غسان إبراهيم الخبير في الشؤون التركية لـ "العربية.نت": "سوف تتوقف الشركات الأميركية عن إرسال قطع الغيار التي تستخدم في الصناعات الدفاعية التركية بعدما فرضت واشنطن تلك العقوبات، كما أن شركاء واشنطن سوف يلتزمون بها، وبالتالي ستتوقف كل هذه الجهات عن إرسال تلك القطع وشهادات التصدير، وهو ما سيضع أنقرة أمام مشكلة حقيقية".
كما أضاف أن "أنقرة عادةً حين تنتج معدات أو أسلحة أو ذخيرة محلية الصنع، فهي في الواقع عبارة عن تجميع قطع ربما جزء منها تركي، لكن الجزء الأكبر والأهم مستورد ويحتاج لخبرات عالية، مثل محركات الدبابات ومنها (آلتاي) التي تستثمر فيها قطر والتي وقعت بالفعل في مشكلة حقيقية، حيث تمّ تجميد صناعتها لأن الشركة المصنعة لمحركاتها في ألمانيا توقفت عن تصديرها لأنقرة. وهذه عقبة ستواجهها مختلف المنتجات العسكرية التركية".
وتابع "عدم منح هذه القطع لأنقرة سوف يؤدي الى شلل في صناعاتها الدفاعية ويجعلها مترددة في خوض معارك جديدةٍ في الدول التي تورطت بها كما في ليبيا وسوريا دون مخرج، الأمر الذي يعني الحدّ من طموحاتها العسكرية، وربما إرغامها على تغيير سياستها والتوصل لحلولٍ مع واشنطن خاصة وأن هذه العقوبات جزء منها موجه الى موسكو، ومن الصعب رفعها بسهولة، لا سيما وأن سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تبدو عدوانية".
في المقابل خفف الخبير الأمني التركي يوسف الأباردا من تداعيات العقوبات الأميركية على الصناعات الدفاعية التركية. وقال في هذا الصدد: "من المنظور التاريخي لم تتأثر أنقرة بمثل هذه العقوبات"، مستشهداً بعقوبات واشنطن على أنقرة عام 1974 على خلفية الاجتياح التركي لشمال جزيرة قبرص، والتي لم يكن تأثيرها كبيراً آنذاك، على حدّ تعبّيره.
وأضاف أن "الاعتقاد بأن أنقرة سوف تتراجع في المجال العسكري هو أمر مضخم"، موضحاً أن "الطائرات المسيرة التركية على سبيل المثال، هي محلية الصنع، وبالتالي لن تتأثر بالعقوبات الأخيرة"، لكن قطاعاتٍ دفاعية أخرى ستواجه عقبات في استيراد قطع الغيار من الخارج.
"لدى تركيا ما تخفيه"
من جهته، اعتبر المحلل التركي موسى أوزغورلو المختص بالشؤون الدولية أن "لدى تركيا ما تخفيه فيما يتعلق بالصناعات الدفاعية خاصة وأنها تخفف من حجم تأثير العقوبات الأميركية عليها".
وأضاف في تصريحات لـ "العربية.نت": "في الماضي كانت تركيا مرغمة على استيراد التكنولوجيا العسكرية من الخارج، لكن اليوم بات الوضع مختلفاً، وباعتقادي إما هناك أموراً تخفيها أنقرة، أو أنها تدرك حاجة واشنطن لها في المنطقة، ولذلك لا تهتم كثيراً بتأثير العقوبات التي فرضتها مؤخراً عليها".
وتهدف العقوبات الأميركية على تركيا بالدرجة الأولى إلى إرغامها على التراجع عن صفقة إس – 400 التي بلغت قيمتها 2.5 مليار دولار في العام 2017، وترى واشنطن أنها تشكل تهديداً مباشراً على حلف "الناتو"، وهو ما تنفيه أنقرة.
والأسبوع الماضي نددت وزارة الخارجية التركية بالعقوبات الأمريكية. كما اعتبر أردوغان أنها تمثل "موقف عدائي" ضد بلاده. وبموجبها فرضت واشنطن حظراً على كافة تراخيص وشهادات التصدير التي كانت تتلقاها شركة "الصناعات الدفاعية التركية".
https://ift.tt/3pejO2u
تعليقات
إرسال تعليق