في خطوةٍ تتعارض مع الدعوات الدولية، رفض القضاء التركي مجدداً الإفراج عن عثمان كافالا رجل الأعمال المعروف بأنشطته الخيرية والذي يحظى بشعبيةٍ كبيرة في أوساط المجتمع المدني، وصلاح الدين دميرتاش الرئيس المشارك الأسبق لحزب "الشعوب الديمقراطي" المؤيد للأكراد.
ويقبع كلا الرجلين خلف القضبان منذ سنوات دون أي دليل يدينهما أو يثبت صحة الاتهامات الموجهة إليهما، كما يقول على الدوام محامي كافالا ودميرتاش معاً، واللذين طالبت الولايات المتحدة والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وعواصم أوروبية بإطلاق سراحهما على الفور، أكثر من مرة هذا العام.
وأمرت محكمة تركيّة قبل أيام باستمرار احتجاز كافالا المسجون منذ أكتوبر من عام 2017، وذلك في إطار محاكمة جديدة لاثنين وخمسين شخصاً تتهمهم أنقرة بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكم الرئيس رجب طيب أردوغان والتي حصلت في منتصف شهر يوليو من عام 2016. وأيضاً بدعمهم لاحتجاجات منتزه "غيزي" البيئية التي حدثت عام 2013، حيث رفض المشاركون فيها آنذاك تحويل المنتزه لثكنة عسكرية.
وقال كوكسال بيرقدار، المحامي المُدافع عن رجل الأعمال البارز إنه "لا يمكن جمع أكثر من قضية معاً ومحاسبة موكّلي عليها كما فعل القضاء التركي"، مضيفاً في تصريحاتٍ أدلى بها لوسائل إعلام محلية عقب انتهاء جلسة المحاكمة: "لا توجد أي صلة بين اتهام كافالا بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية وتظاهرات منتزه غيزي".
وسبق لمحاكمٍ تركيّة أن برّأت كافالا من كل التهمّ الموجهة إليه بما في ذلك "التجسس" لصالح جهاتٍ خارجية، علاوة على دعمه لاحتجاجات غيزي، لكن محكمة الاستئناف طعنت في تلك الأحكام لاحقاً واتهمته أيضاً بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكم أردوغان.
واعترض بيرقدار وعدد آخر من محاميّ كافالا على محاكمة موكّلهم في قضيتين منفصلتين دمجهما القضاء التركي معاً. وعلى إثر ذلك خرج من قاعة المحكمة مع عددٍ من زملائه، احتجاجاً على استمرار المحاكمة التي تمّ تأجيل جلستها المقبلة ليوم 26 نوفمبر المقبل.
وقال المحامي التركي لـ"العربية.نت" إن "موكّلي لم يرتكب جرماً يستوجب السجن أو المحاكمة"، مشدداً على أن "محاكمة كافالا تتمّ لدوافع سياسية"، وهو أمر كرره المتهم نفسه في بيان الدفاع والذي نفى فيه مجدداً كل التهمّ الموجهة إليه.
وتتشابه قضية كافالا مع مقاضاة أنقرة لدمّيرتاش، فهو أيضاً لم يرتكب جرماً ملموساً واُحتجز مع عددٍ من قادة حزبه بينما كان يحظى بحصانةٍ نيابية يوم الرابع من نوفمبر من عام 2016. ومن ثم توالت عليه الاتهامات، على ما يقول محاميه.
وندد ريزان كارافيل باستمرار احتجاز الرئيس المشارك الأسبق للحزب المؤيد للأكراد، معتبراً أن ذلك يتعارض مع القانون التركي وكذلك مع الدعوات الدولية المطالبة بإطلاق سراح موكّله.
وقال في تصريح لـ"العربية.نت" إن "القضاء التركي لا يلتزم بالقوانين ولو فعل ذلك، لكان موكّلي طليقاً منذ وقتٍ طويل"، مشدداً على أن "محاكمته تتمّ لدوافع سياسية".
ويخضع دمّيرتاش في الوقت الحالي مع 107 أعضاء آخرين من حزبه، لمحاكمة في قضية منفصلة على صلة باحتجاجات كوباني وهي تظاهرات عمّت المدن ذات الغالبية الكردية في تركيا مطلع أكتوبر من عام 2014، عندما كان يحاول تنظيم "داعش" السيطرة على مدينة كوباني الكردية السورية.
وإلى جانب اتهام دميرتاش بـ"الإرهاب"، تتهمه أنقرة بـ"إهانة الرئيس" بناءً على خطابات سابقة له، كما تحمّله مسؤولية مقتل ما لا يقل عن 37 شخصاً معظمهم من أنصار حزبه في احتجاجات كوباني على خلفية اندلاع مواجهاتٍ بين المشاركين في تلك التظاهرات وبين قوات الأمن التركية.
وترفض أنقرة تنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي قضت أكثر من مرة بإطلاق سراح دمّيرتاش وكافالا معاً.
ويحضر محاكمة كلا الرجلين، مندوبين عن منظماتٍ حقوقية شهيرة بينها "العفو الدولية"، بالإضافة لممثلين عن أحزابٍ تركية معارضة، وكذلك دبلوماسيين غربيين.
https://ift.tt/3FDPk3i
تعليقات
إرسال تعليق